عدد المساهمات : 2412 تاريخ التسجيل : 12/04/2008 الموقع : https://algorashi.hooxs.com
موضوع: الواقع الأليم الأحد أبريل 27, 2008 2:09 pm
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد:
كتابي هذا – رسالتي – مغاير عما سواه ؛ لأنها صادرة من القلب ، وأتمنى أن أجد قلبا يعيه ويفهمه ،ولأن الكثير طلب رؤية مداد قلمي . قبل البدء في عرض هذا الموضوع والكشف عنه ، ترددت كثيرًا ، فحالي كمن يقدم رجلا ويؤخر أخرى ، ولكن توكلت على الله ، وعقدت العزم على البوح به ، كيف ولا وهو ذنب عظيم ، وأمر جليّ . ما سوف اطرحه عليكم رأيته بعيني ، وقد كنت في السابق اسمع عنه ، ولم اصدقه ، مارأيته يغضب الرحمن ، وينذر بعقوبة عاجلة .<hr width=500 SIZE=1>
كثير منا لا يعرف قيمة النعمة التي أعطه الله إياها ، إلا عندما يفقدها ، أو تجلب له المذلة والهوان . فلا أحد ينكر عدد نعم الله علينا ، وهذا من فضله ، وكرمه علينا . ولكن قد تزول أو تذهب هذه النعم ما لم نسقيها بشكر الله ، ورعايتها أتم الرعاية ، فهي كالنبتة ، إن تتعهدها بالاهتمام أثمرت ، وإن اهملتها ذبلت . ومن هذه النعم ، نعمة الأبناء . فقال جل شأنه : ( المال والبنون زينة الحياة الدنيا ... الآية ) سورة الكهف الآية 46 فالله سبحانه جعل المال والبنون مشتركين في حكم زينة الحياة وبهجتها ، فالذي يعطى المال ، ويحرم من الأبناء لا يجد للحياة طعم ، وكذلك من يعطى الأبناء ، ويمنع من المال .
والأبناء من النعم التي يسال عنها العبد يوم القيامة ، فكلكم راع ، وكل مسؤول عن رعيته .
ولكوني معلمة بديلة (1) للمرحلة الثانوية – غرب الرياض – سوف أعرض لكم مشكلة تختص بالفتيات ، لا أعلم هل البعض يعلم عنها ، او يتغافل عنها ويتجنب الحديث عنها ، وربما الغير يرى أن هذا واقع لا يمكن أن يتغير .
في بداية الأمر كنت أرى الطالبات – وكذلك جميع الناس – بعين يملأها الأمل والتفاءل ، وانظر إليهن بنظرة المحسن لهن ، المصفح عنهن .
وكان عندي يقين بأن العلم يجعل الإنسان أكثر أدبا ، وأقوم خلقا ، وأطهر نفسا . وعندما مخالطتي إياهن شعرت بشيء من المضض والارتخاض ، الذي نغص عيشي ، واقلق مضجعي ، وأطال سهادي . لم استطع أن أملك نفسي كأنما يخيل لي أنني أرى شيئا عظيما ، أو منظرا غريبا . فأزعجني ما رأيت من هذا الاختلاف العظيم . فأصبح المستنكر مستحسن ، والمستحسن مستنكر . وكل يوم كنت أمرّ بمشهد – غالبا – من تلك المشاهد التي تهيج نفسي حزنا شديدا ، وآسى كثيرا . وقد قدّر الله لي فيما مرّ من أيام عملي في المدرسة أن رأيت بعيني طالبتين كلاهما في حالة هيجان مستنكر وتلاصق شديد ، وتفعلا أمر لم يأت به أحد من قبل . وكل ما فعلته هو الانكار ونهرهما بشدة !! . لا أخفيكم سرا ، أنه قد اعتراني ارتباك شديد ، وقلق عظيم من هذا الموقف المشؤوم . انتهى اليوم ، ولكن ما رأيته لم ينتهي .
كنت اعتقد أنني رأيت شيئا لم يراه أحد قبلي ولا بعدي ، ولكن أصابتني صاعقة عندما اخبروني – جميع الموظفات والمعلمات – أنني من قوم عاد.
وللأسف لم أجدن عندهن الجواب الكافي ، لهذا الوباء الذي قطعنا عن الحيا واشعل النيران في الأسعار ، واظن بل اجزم أن ما أصابنا من ذل وهوان ليس له بسببه .
ذهبت إلى طالباتي في الفصل وجعلنا لهذا الأمر الحظ الأوفر من حصص الريادة ، وحتى حصص الاحتياط وخرجت بعدة أراء حصلت عليه بعد شق الأنفس . فمنهن من قالت نقص العاطفة وهذا السبب الرئيس لهذه المشكلة .
فالطالبة تفتقد هذه العاطفة في المنزل فلا تجد أبا حانيا يستمع إلى همومها فأغلب الآباء يظن أن دوره فقط في جلب المال . أما الأم فشواغل المنزل والمسلسلات هي التي تمنعها من الحديث من ابنتها والسؤال عنها ، وفي المدرسة تجد الطالبة الأرض الخصبة من طالبات يسمعنها أعذب العبارات ، بعكس المنزل الذي لا تجد فيه سوى سوء المعاملة ، وفاحش الألفاظ .
والبعض منهن ترى بأن القنوات الفضائية وما يعرض فيها من أفلام ومسلسلات تدعو إلى الرذيلة والألفاظ البذيئة . ( أصبحت احسم درجتين لمن اسمع منها الفاظا بذيئة وقد نفع هذا الأمر الكثير منهن ) .
والبعض قالت : ربما حب استطلاع وتحدي منهن الذي أدى بهن إلى الهاوية والعياذ بالله . والكثير سكتن ولم تنطق شفاههن بكلمة واحدة ، ولكن الأعين كانت تتكلم عن واقع أليم لم يتنبه الكثير منا فغاب عنهم فنسوه .
فحال الانتكاس الفطري ليست حالة وليدة ، إنما بسبب السكوت عنها أدت إلى ظهورها . ووجدت أسبابا تساعدها على ذلك من أمهات سذج ، وأباء غافلون ، ومجتمع ملئي بالغنج والفساد .
هذا والله أعلم . ****************** ( 1 ) المعلمة البديلة وضع من أجل سد الاحتياج الفظيع الذي تعيشهمدارس الرياض فهي على عقد تمضيه عليه مع وزارة التربية وتتنازل عن كثير من الحقوق ، وليس لها أي إجازة سوى الإجازات الرسمية رتبها لا تحصل عليه إلا بعد 3 أشهر وغالبا تضيع هذه الرواتب بين الأوراق ، لا تعيش الاستقرار فهي مثل ابن بطوطة تتنقل من مدرسة إلى أخرى .