حدثني خبيرُ أسهمٍ ألمعي.. يقال له (نافع) وما أحسبه نافعي.. أن كثيرين يدفعون له فوق كل توقعي.. مقابل ما يعي من أخبار الشركات وما لا يعي. قلت - طلباً للفائدة - : وهل تجعل لكل مستشيرٍ قاعدة؟ أم أنها الثقة الزائدة؟؟ أو.. لعلها (الفهلوة) البائدة؟؟! قال: بل هي قاعدةٌ واحدة.. لكل راشدٍ وراشدة.. يسألون الله آناء الليل وأطراف النهار من خير الأسهم الواعدة.. ويستعيذون بوجهه الذي أشرقت بنوره الظلمات من شر الأسهم الراكدة. قاطعته قائلاً: هي سر المهنة إذن؟ قال: لا، ولم، ولن! وإليكَهَا علناً ودون أدنى ثمن: "من أراد الخروج من سوق الأسهم بأرباحٍ زائدة.. لا بقرحة المعدة وانتفاخ الزائدة.. فلا يَضَعَنَّ كل البيض في سلةٍ واحدة" !! سألته: بس؟ أجاب: "ياس".. وابصم على هذا بالعشرين.. عشراً تلو عشر.. وخمساً تلو خمس! انصرفت من عنده وما انصرف من عندي ما قال.. بل أخذت أتخيل روّاده من مغارب الأرض ومشارقها من جنوبها ومن الشمال.. رجالاً ونساء؛ نساء ورجال، كلٌ يشكو له حاله أياً كانت الحال، فلا يزيد على نظرية البيض والسِّلال! اللهم إلا إن قال: "لكل حادثة حديث ولكل مقام مقال"! تذكرت ما قرأته قبل أسبوع أو أقل.. في مجلة "المتخيَّل".. من أن مساهماً أصيب بمقتل.. عندما اتجهت حمراء الأسهم للأعلى وخضراؤها للأسفل، وما هي إلا أشهر حتى صم الرجل وعمي.. ومن على شاهقٍ رمى بنفسه (ولعله رُمي!).. وفي جيبه وجدت ورقة جاء فيها: ارتفاع الضغط في مجرى دمي .. .. .. كان لما كان خفضُ الأسهمِ! أخذت أتساءل بامتعاض: لماذا قال "خفض" ولم يقل: "انخفاض"؟ فإن كانت المعضلة معضلة عَروض فلا اعتراض.. وإن كانت إشارة ترمي إلى أن العبث بالأسهم بفعل فاعل فلا بارك الله في كل هادمٍ نقّاض.. وآتاه من كل وجهٍ إعراض.. وابتلاه بمرضٍ دونه كل الأمراض.. وجعل الطب عند دائه يتمخض مخاض الجمل عن فأرٍ؛ ولبئس ذاك المخاض. رن هاتفي المحمول.. فرددت لأقع على صرخات مقتول.. تصرخ بي مصيبةً بالذهول: "يا .... يا .... يا عديم الأصول" (!)، قلت: "عفواً أخوي.. من بِغِيت؟".. رد: من غيرك يا اللي لا شبعت ولا ارتويت".. أطال الرجل وبصق في وجهي (وكاد يطأ).. وعفى الله عنا وعنه، فقد اتصل علي بالخطأ. لكن.. ما الذي جعل المسكين يغير علي بالسب والتحقير؟ وأنا الذي لا ناقة لي في الأسهم ولا بعير، هل ظنني أحد الهوامير؟ عديمي الأمانة والإخلاص والضمير؟؟ لعلي أخبر (نافعاً) عن هذا المسيكين.. ولعله أن يخبرني يوماً هل كان المتصل مسيكيناً أم سكين !