(( ذكر ما جرى ))
صباح يوم الثلاثاء ,,
12 / 7 / 1429 هــ
محادثة بيني وبين صاحبي (( حسن ))
سببها : رسوب طالب بقيت له درجتان !!
هذا اليوم لم يكن عاديا أبدا ..!!
فنحن نمر هذه الأيام بامتحانات الدور الثاني للطلاب الراسبين..
وكان من حظ صاحبنا أن يراقب أحيانا ويشرف وقد يصحح أو يراجع أو يرصد ....
في هذا اليوم الرابع من بداية هذه الامتحانات جاءني هاجس لكتابة هذه الرسالة ..
وكان هذا الهاجس بدون سبب محدد أو حادثة معينة أو موقف سابق ..
والرسالة هي :
[[ أظن و أعتقد أنه ليس من العدل ولا العقل ولا القياس ولا النظر الصحيح و لا الإدراك القويم ولا الفهم السليم أن نجعل طالبا يعيد السنة كاملة من أجل مادة رسب فيها أو مادتين!!
ولا يفهم من ذلك أني خائن للأمانة !!
أو مؤيد للمهانة !!
أو ساقط في براثن العمالة !!
أو شريك مع الحثالة !!
ولكن لابد من إيجاد حلول أخرى تكون ذات فائدة ومصلحة ومنفعة كبرى تعود على الطالب فيحصل ما أردنا ويعلم ما شرحنا ويدرك ما قصدنا ]] .
أرسلتها هكذا لمجموعة من الأحباب ومنهم (( حسن ))
وسبحان الله !!
بعد مراقبتي هذا اليوم وإشرافي قليلا ..
وبعد تصحيح المعلمين لمجموعة الراسبين هذا اليوم ...
تفاجأنا بل فجعنا بأحد الطلاب قد رسب في الدور الثاني !!
والمادة كانت رياضيات ،،
والطالب قد رسب في الفصلين ،،
وبقيت له من أجل النجاح درجتان اثنتان فقط !!
حاول أساتذتنا وبذلوا وأعادوا التصحيح سعيا لجبر النقص وسد الخلل ..
فلم يفلحوا ...
فكان الحل الذي توصلوا إليه :
أن يعيد الطالب السنة كاملة من أجل مادة واحدة بل من أجل درجتين في مادة واحدة !!
المهم نعود لرسالة الصباح الأولى :
الرسالة لم تكن لها علاقة بهذا الموضوع .. كيف وقد كـُـتبت وأرسلت قبله ...
تعجب بعضهم واستغربوا من هذه الرسالة على صباح اليوم هكذا !؟
وظن بعضهم أني أقصد أمراً معيناً حدث في الأيام الماضية..
أو طالباً محدداً بعينه أو معلماً مقصوداً بذاته ..
فحاولت أن أوضح الصورة ..
وأدفع الشبهة ,,
وأبرئ نفسي من التهمة ..
وذلك بأني كتبتها هكذا كعادتي .. وأحببت أن تشاركوني الرأي ..
جاءتني بعدها رسالة من صاحبي حسن :
(( الحلول الأخرى مثل ماذا ؟ ))
فأرسلت إليه :
[[ يصنعها ويبتكرها ويوجدها ويرعاها المفكرون أمثالكم ..
- دورة مكثفة..
- حمل..
- دور ثاني وثالث..
أما أن يعيد ويضيع سنة من عمره من أجل مادة أو مادتين فذاك من أشد الظلم وأشنعه وأقساه!!
لابد أن نعينه ليلحق بالركب ..
ويدرك القوم ..
فيسري بمسراهم ..
ويحذو حذوهم..
ويقتدي بخيرهم .. ]] .
فأرسل إليّ :
(( صدقت ،،
وكلامك في عين الصواب ))
وأثناء تجولي قابلني أحد الأفاضل ممن أرسلت لهم ذات الرسالة الأولى صباحاً ...
فقال:
(( رسالتك جميلة ولكني غير مقتنع بها !! )) .
فقلت له :
[[ لست ملزماً بذلك !! ]] .
ثم جرى بيني وبينه حوار موجز مختصر جدا ً حول هذا الأمر وأسبابه ومسبباته ..
ثم مضيت ..
عدت إلى البيت ..
ومرت الساعات والدقائق ..
فلما جن الليل ..
ومرأى الطالب وخبر رسوبه لا يزال حاضرا في الذهن مؤلما للقلب ..!!
خصوصا إذا تذكرت أنها درجتان اثنتان فقط !!
وفي مادة واحدة فقط !!
فأرسلت لبعض الأحباب ومنهم (( حسن )) :
[[ رسوب الطالب مفسدة ظاهرة ,,
لا تخفى على ذي لب ..
ولها ما لها من النتائج العكسية والسلبية ..
فمن كآبة ,,
إلى حزن ,,
ونكد ,,
وضيق صدر ,,
وضياع سنة ,,
وانحراف ,,
وسوء حال ,,
بل وربما انقلاب حال يؤدي إلى قبيح المآل ..
ودرء المفسدة مقدم على جلب المصلحة .
فكيف بمفاسد عظيمة وليست مفسدة واحدة !! ..
تحلها وتدفعها وتدرؤها درجتان اثنتان فقط !!
إذن لابد من إعادة النظر وفق القواعد الأصولية والدلائل العقلية .. ]]
فأرسل إليّ صاحبي حسن :
(( إنجاح الطالب الذي لايستحق النجاح مصلحة .
ويحصل بها مفاسد منها :
1 - تهاون الطلاب المتميزين وغيرهم .
2 - ضياع جهد المعلم وما يملكه من إنجاح الطلاب ورسوبهم .
صحيح أن هذه مشكلة لكن لاتحل بــ ( تكفون دفوه )
أو ( نجحوه بلا تعقيد )
وهو لايستحق النجاح .
بل من الحلول كما قلت (أنت) :
1 - دور ثالث ورابع حتى يتمكن الطالب من النجاح بجدارة وبحق .
2 - حضور دورة تقوية على مستوى كل منطقة تعليمية للراسبين .
كل يدرس مادة رسوبه فقط وبعدها اختبار .
فذلك أخف عليه وعلى الوزارة والإدارة والمعلم من سنة كاملة.
3 - الحمل ، مع أن فيه متاعب وأضرار .
وأنا ضد الحمل في مدارسنا )) .
فرددت عليه:
[[ يدك في الماء البارد عند أمك يا ابن أمك وليست كيد صاحبنا ]]
فرد عليّ :
(( لا أرى مُـكلفاً لذلك ،،
إن كانت يدك في النار فأخرجها وضعها في الماء البارد كغيرك وكن واقعياً .
يا ابن زوجة أبيك .
من أراد أن يعمل مالا يستطيع فلن يعمل )) .
فأرسلت إليه :
[[ اسمع مني يا ابن أخت خالتك..
يدي ليست في الماء الحار ولست مسؤولا عن يدي أصلا ولا مكلفا بها !!
وإنما هي يد ابننا الطالب ..
ومن كان يحمل الهم أحس بحرارة الغم ..
ومن كان عند أمه فليهنأ بها ..
ثم تذكر يا ابن العابدة الطاهرة التقية الصابرة ..
أن الطلاب يتفاوتون في الفهم والذكاء والفطنة والاستيعاب والإدراك والتصور ...
فمن الحماقة أن نسوي بينهم في كل شيء ]] .
فرد عليّ :
(( ألا ترى أن الذين لايستوون في الفهم والإدارك والحرص والمتابعة لايستوون في الدرجة والنجاح .
وكما أن لإنجاح من لايستحق فوائد فله مفاسد أعظم .
وقد قالت العرب : لولا السيف لكثر الحيف )) .
فقلت :
[[ صدقت ،،
ولكن أخي العزيز أنا لم أقل أنه لابد أن نسوي بينهم في الدرجة !!
ولا قلت نعطيه كالمتميز والمجتهد مئة من مئة !!
بل قلت إنه من الظلم أن يعيد سنة كاملة من أجل درجتين !!
وفي مادة يبغضها ولا يحبها ..
يكرهها ولا يدانيها ..
أفنلزمه بأن يدرسها مرة أخرى ويضيع سنة من عمره من أجلها ..
دعه ينجح فينا ولو على شفا جرف هار ..
يكفيه أن ينسف همها .. ويرميها وغمها في بحر لا قاع له ..
لا ردها الله .. ولا سلمها ..
ولا حياها ولا أبقاها ..
ثم اعلم أن سيوف من ذكرت في غمدها منذ زمن ...
قد أفسدها الحياء وأخربها الخوف ...
ولم يفلحوا في إخراجها إلا في حالتنا هذا اليوم ..
أصبحوا شجعان !!
والله المستعان !! ]]
فأرسل إليّ :
(( كلنا نحب طلابنا ,,
ولكننا نحب الحق أكثر منهم .
ولو علم الطلاب بمساعدتك من كان على شفا جرف هار ٍ وأنهم سَـيَـسلموا لأصبح هذا الجرف الهاري مطلاً يزوره الطلاب ليظروا إلى الأسفل فيروا المعلمين ..
وسيقولون :
لله في خلقه شؤون ,, أين عقول هؤلاء الذين يدرسوننا سنة كاملة تجري فيها ستة اختبارات ..
ويتعبون أنفسهم .. وفي النهاية :
ننجح جميعاً وليس شرطاً مئة من مئة , المهم أن ننتقل من هذا الصف ..
أخي :
من وجهة نظري أن الطالب قد يساعد بالثلاثة أمور سالفة الذكر وما شابهها ..
وأما غيرها فهي ظلم له ولغيره من الطلاب ,
لأنهم سيتواصون بالباطل ويتواصون بالصبر ..
كتبت لكم هذه الأسطر لتتواصوا بالحق وتتواصوا بالصبر )) .
فأرسلت إليه :
[[ ونحن كذلك نحب الحق ولا نرضى بالظلم أبدا ً ..
وإن كنت عازما ً فدعه يعيد عاما كاملاً لأجل درجتين اثنتين!!
ولأجل مادة واحدة وليست ثنتين !!
وتحمل ما يؤول إليه أمره ..
وما تنقلب إليه حاله ...
ثم اعلم أن من يقول من الطلاب :
.. لله في خلقه شؤون ,, أين عقول هؤلاء الذين يدرسوننا سنة كاملة تجري فيها ستة اختبارات ..
ويتعبون أنفسهم .. وفي النهاية :
ننجح جميعاً وليس شرطاً مئة من مئة , المهم أن ننتقل من هذا الصف ...
من كان يقول هذا الكلام أو مثله من الطلاب فلا أظنه سيعيد دورا ً آخر !!
ولن يحتاج لفضلي ..!! ولا لمنتك ..!!
لأن هذه العقلية لو كانت في هذا الطالب أو ذاك لأهّـلـته أن يكتب حلا ً صحيحا ً ..
ولدلته على الطريق السليم ..
وربما استعنا به لـيُـدرسنا !!
وختاما ً :
أخي العزيز :
تعليمنا فيه خلل ..
وعملنا فيه زلل ..
ومن الإهمال فيه بلل ..
حتى أصابنا وطلابنا الملل ..
والأمر جدا جلل ..
عسى الله أن يصلح أحوالنا ويهدي ضالنا ...
اللهم اهدنا وعلمنا ووفقنا وسددنا واستر علينا وعافنا واعف عنا .. ]]
وانتهت المحادثة ..
وانقضت المراسلة ..
[[ للتذكير:
أعيد وأكرر :
لا يُـفهم من ذلك أني خائن للأمانة !!
أو مؤيد للمهانة !!
أو ساقط في براثن العمالة !!
أو شريك مع الحثالة !!
ولكن لابد من إيجاد حلول أخرى ..
تكون ذات فائدة ومصلحة ومنفعة كبرى ,,
تعود على الطالب فيحصل ما أردنا ويعلم ما شرحنا ويدرك ما قصدنا ]] .
ففكروا معنا وابذلوا ...
وشاركونا الهم .. وادفعوا عنـّـا الغم ..
جزاكم الله خيرا ..
وكتبه:
السياسي منقول من ايميلي