كل يعرض بضاعته

لو ركزت في معنى هذه العبارات لعرفت المقصود، فالمتأمل في اختلاف أفكار المثقفين وغيرهم لوجدت التفاوت الكبير في ذلك ، ولو حاولت تصنيف المتكلمين ومعرفة طرق الآخرين في الحديث لوجدت تبايناً شاسعاً فهذه سنة الله في الكون.
لكن العجب ان تجد أناس يتصدرون الحديث في حل كثير من المشكلات دون علم ولا روية ولا حتى فهم لطبيعة الموضوع أو المشكلة ، فيفتح أبواب الشيطان ليركض برجله وخيله وربما أخطأ في الفهم أو زاد في التجريح أو حتى تعدى على حدود الله فيكون بذل حديثه من أجل الكلام أو ليفرغ أهواءه ورغباته التي حشا بها صدره ، ومنهم من يتكلم لكي يضحك ويُضحك وإن كان كثير من الناس لا يلقي لها بال
ولو كان الكلام هيناً لهذه الدرجة لما سمعنا قول الله تعالى (ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد ) ولما أمر الرسول صلى الله عليه وسلم معاذاً رضي الله عنه بقوله (أمسك عليك لسانك ).
إذاً ما المخرج من ذلك كله ؟ هو أن يقابل كلام هذا الجاهل إما بالصد عنه لكي تكون حسرة في نفسه عند عدم الرد عليه ، أو بالرد الجميل الذي يعطي الآخرين تصور عن تواضع ورفعة هذه الشخصية التي سمت وترفعت عن سفاسف الامور.
فمتى كان كلامنا خالص لوجه الله وقع في النفس واعطى ثماره ولقي القبول لدى الجميع .
ومتى كان لغير الله لم تستسيغه الآذان ولن تقبله العقول .
ولقد سئل حمدون القصار : ما بال كلام السلف أحسن من كلامنا ؟ فأجاب : لأ نهم تكلموا لرضا الرحمن وعن الاسلام ونجاة النفوس ، ونحن نتكلم لغي النفوس ورضا الخلق وطلب الدنيا.
فتذكرت (إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً ).
وكأنني بالدنيا تصدع بقو الله تعالى (ألم تركيف ضرب الله مثلاً كلمة طيبة كشجرة طيبة )
إذا كل يعرض بضاعته ولتكن بضاعتنا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين .