انتشرت إلي حد لا يمكن للإنسان أن ينكرها مظاهر اليأس والقنوط والتسليم بالهزيمة في أواسطنا الاجتماعية بدرجة يجب الوقوف أمامها طويلا وإيجاد الحلول العملية والروحية العاجلة لإعادة الناس شيبة وشبابا إلي الوضع الطبيعي للإنسان والذي هو التفاؤل والحماس والعمل والتوكل على الله والقين الصادق بنصره وتوفيقه فان الله لا يضيع اجر من أحسن عملا.
وذهب بي التأمل والتفكر في ملكوت الله الآخذ الذي لا يقف أمامه شخص ليتأمله ويتفكر فيه إلا وأحس بهزة داخلية تعظيما لصانع هذا الكون ومدبره وخالق البداية والنهاية ومقدر الأقدار ومبدل الليل بالنهار وخالق الفصول والمشاكل والحلول.
ووقفت كثير أمام هذه المعادلة الربانية واتسأل وأقول لماذا لا يعمل الناس بإتقان وذمة وضمير وإخلاص ويدعون أمر النجاح والوصول إلي أهدافهم لدى الجبار مالك الملك عز وجل .
الكل يتذمر والكل يدعي الظلم وهضم الحقوق وعدم العدالة وغياب الإنصاف وتستمر وتيرة الانتقادات للواقع والاستمتاع بالمعانات والألم والعيش في بيوت تكسوها الظلمة والحسرة والإحباط .
ولا زلت أتعجب من أناس ينتمون إلي الإسلام الدين الذي يحمل أعظم نظام محفزات عرفها التاريخ لا يضاهيه أي نظام للتحفيز والتشجيع والدعم والمؤازرة .في العالم لا في الشركات أصحاب المكافاءات والمميزات ولا في الأنظمة الحكومية أهل الأعطيات والهبات .
إن السعادة الروحية والنفسية وانقلاب موازين النفس من الإحباط إلي الإقبال ومن التشاءوم إلي التفاؤل ومن الركون إلي المبادرة ومن الظلامية والعيش داخل كهف معتم تعتريه الوساوس والأوهام إلي فضاء وردي بلا حدود يفوح منه عبير الانجاز مسك العمل وريحانة الإبداع .
إن السعاة الحقيقية لا تأتي لأهل التمنيات أو هل الشكوى والذين لم ينتصروا لقضاياهم بروح قتاليه بل ضلوا مهزومين رضوا بواقعهم ولم يحاولوا أن يغيروه وردود الأبيات والأشعار التي تتكلم عن الفشل والظلم وعدم التوفيق والحظ العاثر والدنيا الغدارة وكل هذه المواويل التي لا تغني ولا تسمن من جوع
أن الحياة لا تعرف إلا طعم العمل ولا تؤمن إلا بالإتقان والانضباطية واحترام الوقت والتعامل معه على انه حيز يجب الاستفادة منه بالكامل فأوقات العمل للعمل ليس إلا وأوقات الراحلة والاستجمام والترفيه هي لذلك . ولا تعترف بالشكوى والركون لشتم الزمان والمكان والبكاء الدائم واللطم على الخدود وهي حيلة العاجز الذي لاحول له ولا قوة ..
إن الفيصل في كل ذلك يعود إلي التركيز على مفهوم الوقت والنظر إليه على انه استثمار مربح ومثمر وانه هو رأس مال حياتك أيها الإنسان وليس ساعات ودقائق تمر علينا مرور الكرام بلا خطط أو أهداف أو انجازات أو النظر إلي الوقت على انه الساعة الثمينة التي احملها لكي أتجمل بها عند الناس وأحس يرضى داخلي حيث أن شكلي بهذه الساعة أصبح زاهي جميلا ملفتا للنظر
رغم إن الإنسان هو في الجوهر والعمل الصالح وليس بالمظاهر والقشور , فأجدادنا بالساعات الرملية والشمسية صنعوا مالم نصنعه نحن حملة رولكس ورادو وسواتش وغيرهم
إن الحياة دقائق وثواني وما أجمل أن يلعب الإنسان لعبة الحياة والتي تمثل مشواره بالخير فيها ويستغل جميع أشواط المبارة بدل أن يأتي يوما يلعب فيه بالوقت الضائع و لا يلعب أبدا !!
إن الاهتمام بالوقت وتنظيمه لهوا اس وأساس منهجنا ومنطلقاتنا وروح عقيدتنا السمحة فاقسم الله بالضحى والعصر والفجر وغيرها من الرسائل القرئانية الواضحة التي تدل على أن الرحلة الإنسانية على هذه الكوكب
هي جزء محسوب عرف بدايته كما عرفته نهايته والوقت يمثل الهامش المتاح للاستخدام بينهما.
وتمثله الحياة بمعادلة الوقت فمن أحسن استغلالها وتقديرها حق قدرها وتعامل معها بمنطق الاستثمار بما ينفع ويرفع دانت له الدنيا وفتحت له الحياة ذراعيها ونال شرف السعادة والنجاح والتوفيق في الدارين
ومن مرت عليه الأيام بلا عمل أو علم أو بذل أو عطاء أو انجاز يرفع به الإنسان نفسه وأهله وأمته إلي العلي
كانت حياته عبئا عليه وأصبح صفرا على شمال العدد لا يقدم ولا يؤخر تاه في بحر الظلمات لا يعرف إلي أين يسير ولا إلي أين المفر وهذه هي الإشكالية الكبرى والتي يجب ألا تمر على صاحب عقل نير وفكر خير
وهمة عالية قائده رسول الله عليه الصلاة والسلام وأجداده أبو بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم أجمعين
دع القلق واتجه إلي التفكير الايجابي والذي يفتح أمامك الأمل ويضع لديك الحلول واستبعد من حياتك ثلاث كلمات ( لا أستطيع , لااقدر , لن انجح )
ودعونا ندخل أنفسنا في هذه الأجواء واذكر لكم قصة رجل عظيم من عصر النبوة المرصع بالفيروز والزمورد
كان يقوم أول الليل ثم يوقظ زوجته لتقوم أوسط الليل ثم تستلم ابنتهما دفة قيام الليل في أخره وحينما سئل لماذا كل هذا التنظيم والتناوب على التواصل مع الله بالصلاة والدعاء وقيام الليل قال كلمة تهز الجبال ( استحى أن ينزل الله إلي السماء السابعة ليطلع على عباده وليس في بيتي احد يعبده ))
إن الإحساس المتدفق بقيمة الوقت والذي عكس رقيا أخلاقيا وعمقا في التفكير والتدبير وسعادة روحية وانجازات عظيمة تتمثل في رواية هذا الرجل لحولي 5374 حديث عن المصطفى عليه السلام وهو رقم لا ينافسه عليه احد من الصحابة الأطهار ,ذاك هو أبو هريرة رضي الله عنه تعالى
ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة أسوة حسنة وأمثلة نرجع لها ونقف إمامها وقفت إكبار واحترام
ولعل من عصرنا الحاضر ما يستفز الناس تجارب الأمم والشعوب والتنافس بينها في الرقي والتحضر حيث يروى أن شركة يابانية حققت أرباح قياسية فأمر المدير العام بمكافأة تحفيزية وإجازة يوم لجميع الموظفين تقديرا لجهودهم , المهم في الأمر هنا أن الموظفين قبلوا المكافأة ولكن رفضوا الإجازة وطلبوا إلغائها ولم يوافق المدير فانطلقت المظاهرات والمسيرات التي تطلب العودة للعمل وإلغاء الإجازة
هنا نعرف أن احترام الوقت والإيمان المتجذر بأهميته نابع من الفرد وثقافته الايجابية والإحساس بالمسؤولية القومية والاجتماعية وانه مربع مهم في هرم مترابط ومتوحد له رؤيا وأهداف واضحة وأولويات تحدد بوصلة الاتجاهات والخطى .
من ألان وليس من الغد ومن هذه اللحظة وليس فيما بعد.
توكلوا على الله واضبطوا ساعاتكم على الايجابية والتفاعل والتفاؤل والتجديد واستبعدوا الروتين والأوهام والمثبطات من قاموس حياتكم التي بيدكم أن تغيروها إلي الأحلى وان نصيغ ملامحها إلي الأفضل
والأجمل
ودعوا الحب والعطاء والإيمان بأن الله معنا ينير قولبكم وأرواحكم المجهدة من التفكير والتوهم والتوجس والقلق
ولا تنسوا أن الإيمان بلسم للقلوب غاسل للذنوب مزيل للعيوب فاتح للدروب ورافع للشعوب
وإبداء من اليوم في الاستماع إلي دقات الساعة بحرص شديد وعزما أكيد ورغبه جامحة على التغير للأفضل
في كل مناحي الحياة الروحية و الاجتماعية والاقتصادية .
واجعلوا هذا البيت الجميل بين أعينكم دائما ( دقات ساعة المرء قائلانا إن الحياة دقائق وثواني )
واجعلوا شعار حياتكم ( كن مع الله مثل ما يريد يكن الله معك أكثر مما تريد )
والله يرعاكم ويحفظكم ويسدد على دروب الخير والعطاء والنماء خطاكم